يقول شيخ الإسلام: (فإنه يقدم الأشد جوعاً في الإطعام، وإن كان لبعض المستأخرين نوع طعام ليس لبعض المتقدمين؛ لاستحقاقه ذلك ببذله عنده، أو غير ذلك).
أي: كما أنك في الوليمة والدعوة العامة تحرص على أن أول من تطعمه هم الأكثر جوعاً، ولا يعني ذلك أن بعض الضيوف الذين يأتون في الأخير ربما تختصهم بطعام فيه ما ليس عند الأول، أو يتميز عن الأوائل، فالذي يأتيك وقد تعب وأجهد وهو جائع فإنك تقدمه، والتقديم لا يعني أن تعطيه أفضل ما عندك، ولكن تقدمه، ثم بعد ذلك قد يأتي متأخر فتختصه وتميزه بطعام أفضل؛ لمكانة له مثلاً، أو فضل، أو ما أشبه ذلك، فهذا أمر طبيعي، وهو بحسب مقامات الناس ومنازلهم ودرجاتهم.
فذلك يرضى بالتقديم؛ لشدة جوعه وحاجته، والآخر يرضى -وإن أخرته- بتقديم غيره؛ لأنك ادخرت له ميزة لم تعطها الآخر، وهذا دليل على أن ذلك غير خارج عن مقتضى الحكمة والصواب من الكريم أياً كان هذا الكريم؛ ولا أحد أكرم من الله عز وجل، وليس في البشر أكرم من رسول الله صلى الله عليه وسلم.